mercredi 11 juillet 2012


البنسلين ذاك العفن الذي أنقذ البشرية




وانا أقرأ بعض أقوآل المشآهير لفت انتبآهي مقولة ل محمد علي كلآي
يقول فيها :
 اذا استطاعوا أن يصنعوا البنسلين من الخبز المتعفن فإنهم يستطيعون بالتأكيد صنع شئ منك.
وذهبت على الفور ل قوقل للبحث في كيفية اكتشآف البنسلين لأستفيد و أفيد
 جميعنا يعرف ان الكسندر فلامنغ من اكتشفه ولكن البعض لايعرف كيف تم اكتشافه

والبداية كانت في منتصف القرن التاسع عشر
حيث لاحظ العالم الفرنسي لويس باستير Louis Pasteur أن ميكروب الجمرة الخبيثة
القاتل للإنسان والحيوان لا يستطيع النمو في المعمل إذا تلوثت الآنية التي تحتويه
بالعفن الموجود في الجو والتربة الزراعية.

وتوصل إلى النتيجة عينها في الوقت نفسه العالم الإنجليزي ويليام روبرتس William Roberts
الذي كتب مندهشا في عام 1874 أن أنواعا كثيرة من البكتيريا لا تنمو في وجود فطر البنسيليوم
وظل هذا الاكتشاف حبيس الكتب القديمة لمدة 48 عاما ..

حتى انشغل الكسندر فلمنج Alexander Fleming في دراسات التعقيم
و عندما التحق بالجيش في الحرب العالمية الأولى كان مهتما بالجروح و العدوى
و لاحظ ان الكثير من المطهرات توذى خلايا الجسم أكثر مما توذيها الميكروبات نفسها
و لذلك ايقن ان الذى تحتاج اليه هو مادة تقضى على البكتيريا و في نفس الوقت لا توذى خلايا الجسم.

و في سنة 1922 بعد نهاية الحرب ذهب إلى معمله يستكمل دراساته و اهتدى إلى مادة اطلق عليها اسم ليسوزيم
هذه المادة يفرزها الجسم الانسانى و هى خليط من اللعاب و الدموع و هى لا توذى خلايا الجسم و هى تقضى
على بعض الميكروبات و لكن مع الاسف لا تقضى على الميكروبات الضارة بالانسان.


وفي عام 1928 لاحظ الكسندر فيلمنج بالصدفة والصدفة لا تأتي لغير العقول المستعدة
أن البكتيريا تتأثر سلبا بعفن الخبز .. وتقول الرواية إنه نسي قطعة خبز متعفنة قرب صحون
البكتيريا المعقمة التي كان يجري عليها تجاربه في المعمل فلاحظ في اليوم التالي أنها
تسببت في قتل البكتيريا وايقاف نموها .. وللتأكد من هذه الحقيقة استقطع أجزاء من
عفن الخبز وهو نوع من الفطريات الدقيقة المنتمية لجنس البنسيليوم ووزعها على أنابيب
تضمنت أنواع من البكتيريا الخطيرة

ورغم عجزه عن استخلاص المادة المؤثرة وهي البنسلين
إلا أنه أدرك حقيقة توصله الى اكتشاف عظيم في عالم الطب .

و نشرت نتائج ابحاث فلمنج سنة 1929 و لم تلفت النظر أول الامر . و اعلن فلمنج ان هذا الاكتشاف
من الممكن ان تكون له فوائد طبية خطيرة . و لم يستطع ان يبتكر طريقة لاستخلاص هذه المادة او
تنقيتها. و ظل هذا العقار السحرى عشر سنوات دون ان يستفيد منه أحد.

وبعده بعامين تمكن الطبيبان الإنجليزيان هوارد فلوري وإيرنست تشين من استخلاص مادة البنسلين
المؤثرة وتحضيرها كعقار استعمل لأول مرة لعلاج رجل شرطة أصيب بتسمم الدم عام 1941.



وفي السنوات التالية حضرت أنواع متفاوتة من هذا المضاد من حيث القوة وطريقة الامتصاص
ساهمت في إنقاذ حياة آلاف الجنود في الحرب العالمية الثانية وحين انتهت الحرب أصبح البنسلين
في متناول المدنيين في بريطانيا وأمريكا وسارعت لإنتاجه عدة شركات عالمية..


يجب ان نشير الى ان هناك من سبق واستخدم هذا العفن قبل اكتشاف الاوربيين له ب مئآت السنين
الا وهم المصريين القدمآء الذين نعجب لأمرهم حتى اليوم فهم غالبا الأسبق في الاكتشافات الطبية .

فقد كان الفراعنة يضعون الخبز المتعفن على الجروح المفتوحة ثم يربطونها لعدة أيام بقطعة قماش
وكانوا يعرفون أنه كلما ارتفعت نسبة العفن على الخبز كلما ساهم ذلك في سرعة الشفاء
ومنع مضاعفات الجرح وكانت الفكرة ناجحة وشعبية لدرجة استعمال العفن لعلاج
معظم المشاكل الصحية بما في ذلك مضغه لعلاج الالتهابات الباطنية


و قد ادى اكتشاف البنسلين إلى استخدام الكثير من المضادات الحيوية و اكتشاف عقاقير سحرية اخرى.
و لا يزال البنسلين هو أكثر هذه العقاقير انتشارا حتى يومنا هذا.

الجميل في قصة البنسلين أنه لم يساهم فقط في إنقاذ حياة الملايين بل وفتح الباب أمام فكرة
المضادات الحيوية وإمكانية استعمالها بشكل منفرد أو مختلط لعلاج أمراض أخرى كثيرة

.. وهذه المعلومة تثير دهشتنا من ثلاثة جوانب رئيسية ..

الأول أن عفن الخبز يتضمن بالفعل مضادا مقاوما للأخماج التي تسببها البكتيريا الضارة .

والثاني أن الأمر اقتضى آلاف السنين حتى يكتشف الطبيب الاسكتلندي الكسندر فلمنج
هذه الحقيقة التي ترتب عليها تحضير البنسيلين كأول مضاد حيوي في التاريخ ..

أما الثالث فهو أن اكتشاف البنسلين مجرد نموذج لإنجازات علمية وطبية كثيرة أعيد اكتشافها
في عصرنا الحديث تماما كالدورة الدموية التي اكتشفها ابن النفيس قبل وليم هارفي بعدة قرون



  source